جار التحميل...

°C,

أبجديات الماضي الجميل

أتذكر في صبيحة يوم السبت الموافق الـ 21 من مايو لسنة 2011 م، وبقصر صاحب السمو حاكم الشارقة بخورفكان المتربع على قمة جبل (سَيْدَهْ) أو سجدة، دار حوار سريع ولكنه مليء بالأفكار التطويرية والمقترحات والمشاريع لمدينة خورفكان والتي رأت تلك المشاريع النور والحمد لله، كان حديثاً شيقاً بين صاحب السمو الشيخ الدكتور سلطان بن محمد القاسمي حاكم إمارة الشارقة ووفد مؤسسة الشارقة لتطوير القدرات – "تطوير" (منتدى الشارقة للتطوير سابقاً).
حيث تمخض عن الجلسة الحوارية عدة مقترحات تطويرية للمدينة منها (الثقافية، والسياحية، والتراثية، وغيرها الكثير) والتي تم تنفيذ معظمها في المدينة الساحرة خورفكان تلك المدينة الملقبة بـ "عروس الساحل الشرقي".

 وفي نهاية اللقاء دار في نفسي سؤالاً يتعلق بالمشاريع التراثية فعزمت على المبادرة بالسؤال عنه، فقلت لسموه: ما هو تصور سموكم لمنطقة الزبارة القديمة (بيوت لَمْشَتَّى) فكان الرد سريعاً والخبر مفرحاً وقتها، فقال: "سنعمل على ترميم المنطقة، وجعلها منطقة تراثية كما كانت وأجمل، وسنوجه بتحويل المجلس القديم للأمير صالح محمد النقبي (رحمه الله) في المنطقة نفسها إلى مجلس ثقافي لأهالي المنطقة ورواده، لأني أحب الزبارة وأهل الزبارة"، بهذه الكلمات الجميلة والجياشة ختم سموه حديثه.

وتحديداً من حي الزبارة القديم بضاحية الصبيحية، حيث يرتبط الإنسان بماضيه الذي يعني له التاريخ والهوية والتراث والأصالة، فالحي السكني القديم ببساطته وساحاته القديمة المبنية من (الطين واليشم) كانت بمثابة مربى العز والعطاء والكرم، وذكريات لها أشجانٌ تدمع لها العين.

 فحين نتذكر تلك الأجواء العائلية التي كانت تملؤها المودة والرحمة والضحكات التي تملأ المكان، وروائع الحكايات التي كان يرويها لنا أجدادنا؛ فإننا نترحم على تلك النفوس النقية التي عرفت كيف تبني أجيال المستقبل.

 وفي نفس المكان بالحي القديم بالزبارة، يقع مسجد " الظاهر" الذي كان مكانه في البدايات شرق المسجد الحالي بقليل، والذي بُنِيَ من العريش وسعف النخيل وكان إمامه الحاج خلفان سعيد مخلوف النقبي (رحمه الله) (ت:1971م)، الذي عاش حياة عامرة بالجد والاجتهاد وكان مما يميزه حبه للعبادة منذ نعومة أظفاره، فعُرف عنه أنه كان ملازماً للمسجد منذ تأسيسه، ولم يُعرف عنه أنه تأخر عن فرض من فروض الصلاة إلا لمرض أو سفر، ثم انتقلت الصلاة إلى البناء الجديد.

 ففي سنة 1967م تم بناء مسجد الظاهر من (اليَشَمْ والطين)، ثم بعدها بسنوات قليلة من الطابوق البدائي، وكان سبب تسميته بمسجد (الظاهر ) لأن الناظر إليه من بعيد يجده ظاهراً وبارزاً، حيث أنه يقع في مكان مرتفع، والجدير بالذكر أن المسجد بني من غير منارة، وفي عام 1975م، أمر صاحب السمو الشيخ سلطان بن محمد القاسمي حاكم الشارقة حفظه الله عند زيارته للمنطقة ببناء منارة له، وأوكل شركة مقاولات لصاحبها سالم عبدالله خلفان النقبي (رحمه الله) ببنائها لتكون أول منارة بُنيت في منطقة الزبارة بتصميمها الرائع والجميل والتي لاتزال شامخة ليومنا هذا، لتكون درساً ومَعلَماً وبوابةً، تلج فيه الأجيال القادمة عبر بوابة الزمن التليد لينهلوا من عبق الماضي الجميل .

 واليوم ها نحن نرى رأي العين المشاريع التنموية التي تم تنفيذها بخورفكان، والتي أصبحت وجهة بارزة للسياح بمعالمها السياحية والتاريخية والأثرية، والتي تُوجت كأفضل مدينة سياحية، ففي عام 2023 م، حصلت مدينة خورفكان على جائزة أفضل مدينة سياحية عربية ضمن جوائز الاتحاد العربي للإعلام السياحي، وكيف لا تحصل على هذه الجائزة، وهي مدينة السحر والجمال بشاطِئها الهلالي الجميل الذي يتلألأ كعقد الجُمان وجبالها الراسيات والمعدن الطيب لساكنيها.

يقول الشاعر راتب السيد (رحمه الله): متغنياً بخورفكان: 

يا حادي الركب طول السير أضناني 
قف بي تمهل فهذي خورفكــــــــــــــــــــــــــــــــانِ
مدينة السحر قد طاف الجمال بها 
وماؤها العذب يروي كل ظمـــــــــــــــــــــــــآنِ
May 23, 2024 / 11:13 AM

مواضيع ذات صلة

أخبار ذات صلة

Rotate For an optimal experience, please
rotate your device to portrait mode.