جار التحميل...

°C,

دور السنة النبوية في تحقيق استدامة الموارد البيئية

April 25, 2024 / 9:30 AM
معنى الاستدامة هو الاستخدام الرشيد للموارد بمختلف أنواعها لتلبية حاجات الأجيال الحالية والأجيال المستقبلية، وعندما يتأمل المرء السنة النبوية، يجد أنها تنتهج نهجاً شاملاً في حماية البيئة وتحقيق استدامة مواردها بما يضمن لكل من يعيش في هذا الكون حياة آمنة.
وفيما يلي المكونات الرئيسية لهذا المنهج:

1– الحث على إعمار الأرض.


من سبل تحقيق الاستدامة في الموارد البيئية من المنظور السنة النبوية حثها على تعمير الأرض بالزراعة.

وقد تكاثرت الأحاديث في ذلك منها: حديث أنس رضي الله عنه- قال: قَالَ رَسُولُ اللهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: «ما من مسلم يغرس غرسًا، أو يزرع زرعًا، فيأكل منه طير أو إنسان أو بهيمة، إلا كان له به صدقة» أخرجه مسلم.

ومنها أيضاً: حديث جابر رضي الله عنه قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم "ما من مسلم يغرس غرسًا إلا كان ما أكل منه له صدقة، وما سرق منه له صدقة، وما أكل السبع منه فهو له صدقة، وما أكلت الطير فهو له صدقة، ولا يرزؤه أحد إلا كان له صدقة" أخرجه مسلم.

ولقد بلغ من حث السنة على الزرع، والحرص عليه حتى آخر لحظة من الحياة، كما جاء في حديث أنس- رضي الله عنه قال: أن قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: " إن قامت الساعة وبيد أحدكم فسيلة، فإن استطاع أن لا يقوم حتى يغرسها فليفعل " أخرجه أحمد في مسنده بإسناد صحيح.

وفي هذه الأحاديث، الحض على عمارة الأرض لنفسه ولمن يأتي بعده، وأنه قد يثاب المرء على ذلك وإن لم يقصد، قال المناوي- رحمه الله-: والحاصل أنه مبالغة في الحث على غرس الأشجار، وحفر الأنهار لتبقى هذه الدار عامرة إلى آخر أمدها المحدود المعدود المعلوم عند خالقها، فكما غرس لك غيرك فانتفعت به فاغرس لمن يجيء بعدك لينتفع وإن لم يبق من الدنيا إلا صبابة.

2– النهي عن الإفساد في البيئة وتلويثها:


وقد جاءت التوجيهات النبوية تنهى عن كل ما يفسد الإطار البيئي، منها: النهي عن تلوث المياه كما جاء عن أبي هريرة- رضي الله عنه - عن النبي -صلى الله عليه وسلم- قال: «لا يبولن أحدكم في الماء الدائم ثم يغتسل منه» "أخرجه مسلم" .

ومنها: النهي عن تلوث الشوارع والمنازل كما يدل على ذلك حديث أبي هريرة- رضي الله عنه - قال: أن رسول الله -صلى الله عليه وسلم-  قال: «اتقوا اللعانين قالوا وما اللعانان يا رسول الله؟ قال: الذي يتخلى في طريق الناس أو في ظلهم» "أخرجه مسلم".

وعن حذيفة بن أسيد - رضي الله عنه -قال: أن النبي- صلى الله عليه وسلم - قال: «من آذى المسلمين في طرقهم وجبت عليه لعنتهم»، أخرجه الطبراني في المعجم الكبير بإسناد حسن.

ودلّت هذه الأحاديث عن النبي صلى الله عليه وسلم، على نظافة المياه وعدم تلوثه، وسبب اهتمام السنة النبوية بذلك: أن الماء يعتبر شريان الحياة الذي يتضمن للإنسان البقاء على هذا الكوكب، فلا يستطيع أحد الاستغناء عنه لأن أصل كل الأحياء منه كما يدل على ذلك قوله تعالى: ﴿وَجَعَلْنَا مِنَ الْمَاءِ كُلَّ شَيْءٍ حَيٍّ أَفَلَا يُؤْمِنُونَ﴾[سورة الأنبياء: 31] أي كل شيء حيّ فهو مخلوق من الماء، ولذا إذا كان الماء ملوثاً كان الأحياء في الخطر ويؤدي ذلك إلى فقدان الكون كله، ولذا شدد الإسلام على تجنب تلويث الماء بإلقاء الزبالة أو النجاسة فيه، أو التبرز أو التبول فيه أو على شواطئه.

كما دلّت هذه الأحاديث أيضاً على أهمية نظافة المسكن، لأنه هو المأوى الذي تتحقق فيه الحاجات الجسدية ورعاية الأطفال وحفظ الممتلكات والحصول على الخصوصية والهدوء واستقبال الأصدقاء وإنجاز الوظائف الأساسية والشخصية للأسرة، ولذا حثت السنة النبوية على نظافة البيئة التي ستنعكس حتمًا على صحة الفرد والمجتمع، لأن إهمال نظافة البيئة يؤدي إلى تلوث المساكن والأفنية والهواء، وإن جراثيم الأمراض والأوبئة تنتقل بشكل رئيسي من خلال تلوث الهواء والماء اللذيْن يسببهما تلوث الشوارع والبيوت وغيرهما.
April 25, 2024 / 9:30 AM

مواضيع ذات صلة

أخبار ذات صلة

Rotate For an optimal experience, please
rotate your device to portrait mode.