جار التحميل...

°C,

قاعدة نبوية في استدامة العلاقات

أضحت الاستدامة بأبعادها المتنوعة ومجالاتها المختلفة من أكثر المفاهيم انتشارًا في الآونة الأخيرة، ومن أكثرها أهمية سواء على مستوى الدول والحكومات أو على مستوى الشعوب والأفراد، ونتيجةً لذلك صارت الدراسات والأبحاث المتعلقة بهذا الشأن في تزايد مستمر وملحوظ.
ومن بين الأنواع المتعددة للاستدامة ثمة استدامة في غاية الأهمية، ومع أهميتها قد يُغفل عنها في بعض الأحيان، ألا وهي ما يمكن تسميته بـ (الاستدامة في العلاقات الإنسانية)، ومما يدل على عظم خطرها أنه لا يكاد يوجد إنسانٌ خليٌ من العلاقات أسرية كانت أو اجتماعية، أو زمالة في دراسةٍ أو عملٍ، أو غيرها.

 فالإنسان مدني بالطبع، وإذا كان الأمر كذلك فلنا أن نتساءل: كيف يمكن لعلاقاتنا أن تدوم وتستمر؟ وإذا نجحنا في استمراريتها وديمومتها كيف يمكننا جعلها علاقات طيبة، صحية، يسودها جو من التفاهم والوئام، ويعمها روح الأخوة والمودة والإيثار؟ أو بعبارةٍ أخرى: كيف نحظى بعلاقات مستدامة ذات جودة عالية؟

يجيبنا النبي صلى الله عليه وسلم عن ذلك بقاعدة ذهبية تعد من جوامع كلمه، حيث يقول صلى الله عليه وسلم: «من أحب أن يزحزح عن النار ويدخل الجنة، فلتأته مَنِيَّته وهو يؤمن بالله واليوم الآخر، وليأت إلى الناس الذي يحب أن يُؤتى إليه»، صحيح مسلم (1844).

 لنتأمل أيها القراء الكرام، كم حوى هذا الشطر -(وليأت إلى الناس الذي يحب أن يؤتى إليه)- من دروسٍ عظيمةٍ في استدامة العلاقات، وكم اختصر الكثير من المحاضرات والدورات، لقد وضع لنا النبي صلى الله عليه وسلم ميزانًا عمليًا دقيقًا يستطيع كل واحدٍ منا تطبيقه بسهولةٍ ويسر، هذا الميزان هو أنت.

 نعم، أنت ميزان نفسك في علاقاتك مع الآخرين، ضع نفسك دائمًا مكان من أمامك في أي قولٍ أو فعلٍ تأتيه أو تذره، فكما أنك تحب أن يعاملك الناس بالحسنى فعاملهم كذلك، وكما تكره أن تُعامل بالإساءة فكن كذلك أيضًا، يا لها من معادلة حياتية بسيطة! معادلة من شأنها أن تؤدي إلى صحة علاقاتنا وديمومتها، أيًّا كانت هذه العلاقة، وفي أي محيطٍ وجدت.

إن المحصلة النهائية لهذه القاعدة النبوية هي وجوب معاملة الناس بالإحسان، وكف الأذى عنهم، لأن النبي صلى الله عليه وسلم، قرن ذلك بالإيمان بالله تعالى واليوم الآخر، وذكره في سياق ما ينجي من النار ويوجب الجنة، فدل هذا على أن معاملة الناس بما نحب أن يعاملونا به ليست من مستحبات الشريعة، وإنما من واجباتها المرعية.

 فعليك بالكلمة الطيبة والظن الحسن، وإياك من نقيضهما، ومن تتبع العورات، واصطياد الزلات، حتى تنعم بعلاقات ناجحة طويلة الأمد، ولكي تهنأ براحة البال، وطمأنينة النفس، وتكسب رضا الرب، وتفوز بالجنة، وتزحزح عن النار، وإنه ليسير على من يسره الله تعالى عليه.

ختامًا.. لو أردنا أن نريح ونستريح فلنطبق هذه القاعدة النبوية النفيسة.
August 24, 2023 / 9:49 AM

مواضيع ذات صلة

أخبار ذات صلة

Rotate For an optimal experience, please
rotate your device to portrait mode.