جار التحميل...

°C,

"ما أبيكم تحسون"...

هنا توقفت كلمات أخت من ذوي الإعاقة، في حوار حرك ما بداخلي من وجدان، تقول بصوت سماعه نحيب، لكنه ليس بنحيب، صوت يقول للزمن هل ما زلت تريد مني ضريبة إعاقتي أم لا يزال هناك دين للمجتمع علي، أم أنا الدائن؟ هل رسالتنا وصلت أم نحن نتوهم، وليس هناك رسالة من الأساس؟
هل حينما يقصدون نحن أصحاب همم، أم هي جمل تدغدغ مشاعرنا فقط، وهم لا يشعرون؟ تعجبت لكمية اليأس الكبير وسألتها عن ذاك الحزن العميق، أجابت أنها موظفة وإعاقتها حركية يصحبها ضمور بالعضلات، وتحاول أن تقدم ما بوسعها لتحصل على امتياز، لكنها انصدمت بتقدير ضعيف، وسبب ذلك التقييم، تلك المسؤولة التي اعتبرت مراجعاتها المرضية المرتبطة بالإعاقة هي من أعطاها التقدير الضعيف، وعاقبتها لسبب لا ذنب لها به، سوى أنها ولدت هكذا.

عاقبتها بجرة قلم في جزء من الثانية، نعم هكذا البعض يغفل أو يتغافل في تقييمه للموظف المعاق، هو يستيقظ صباحاً على حواسه الخمس وجسده السليم، ويجلس على مكتبه ويكتب في التقدير كلمة "مقبول"، في المقابل ذاك أو تلك المعاقة تعاني من النزول من سريرها، بسبب عجز جسدي، أو فاقدة للبصر، وينتظر السائق أو السيارة الخاصة، التي يصعدها بعد عناء، ثم يعاني بالنزول ونظرات البعض التي بها الشفقة الممزوجة بالاستعطاف، ويحاول إثبات وجوده بالعمل، لكن أختنا المعاقة تعبر أن مسؤولتها اختزلت تلك الحياة والمعاناة بـ "مقبول"، وأوقفت من خلالها استحقاقات الترقية.

ومع الأسف ما أكثر المنظرين والمتمسكين بالقوانين، التي من خلالها يقضى على مستقبل إنسان، والحجة أقبح من ذنب، إن حكومتنا الرشيدة من سياستها تمكين ودمج أصحاب الهمم بتعاون ودعم المؤسسات والمرونة التي تتواءم مع نوع الإعاقة وبالتحديد هنا في إمارة الشارقة، برعاية مباشرة من نصير المعاقين، صاحب السمو الشيخ الدكتور سلطان بن محمد القاسمي، عضو المجلس الأعلى حاكم الشارقة، بافتتاحه مراكز وأندية تخصصية تعزز تلك الرؤية، وإشراكهم ببطولات دولية وعالمية للوصول، وتشريفنا بالمحافل العالمية، وكم من شخص معاق أصبح فعالاً رياضياً وإدارياً، ونافس حتى أقرانه من غير المعاقين، لكن أمثال هؤلاء وهم قلة يستنقصون ويهمشون ويتعالون على هذه الشريحة، ولو كان بيدهم لما وظفوهم بالأساس.

لذا وجب استحداث مظلة لحماية حقوق المعاق، وواجباته في العمل، بمعايير واختصاصات تحمي حقوقهم، وتقييم كل مؤسسة كلٌ حسب خدماته تجاه هذا المسار، لأن البعض حينما يطالبه المعاق بتقديره أو ما شابه ذلك، يشخصن الأمر ويترصد لجمع مواقف من خلالها يجهز تقريراً ضد ذاك، والعواقب تجر بعضها دون وعي، أو فهم لطبيعة الوجع، الذي يتعايش معه الشخص المعاق، لذا أتمنى من كل مسؤول التحري والتدقيق لما يرفع له لأن بعضهم بالفعل يشخصن الأمور، بلا إنسانية وبجهل، نعم اتركونا من الاستعطاف المزيف، والإحساس الملطخ وكأن تلك المسؤولة هي من وظفتها وبيدها أن تقيلها، وحينما تتسلط الكاميرات هي حبيبتها أمام التصوير، وخصمها بأوراق التقدير، تناقضات تعجز أن تجد لها تفسيراً، حفظ الله حكومتنا الرشيدة وبارك بدعمها اللا محدود لأصحاب الهمم.

أحببت أن أضع إصبعي على جرح، يعاني منه البعض، ويجب معالجته من الجذور، فعلاً كما قالت بالعامية "ما أريدكم تحسون"، لأن القسوة ستنقلب على صاحبها، مهما طال الزمن، وسنظل خلف رسالتنا وقضايانا لأننا في دولة جعلتنا في أول أولوياتها.
March 13, 2023 / 9:01 AM

مواضيع ذات صلة

أخبار ذات صلة

Rotate For an optimal experience, please
rotate your device to portrait mode.