مع هدوء الليل وفي غفلة من الناس والجمع نيام وهم لا يشعرون أتاهم أمر الله، وانشقت الأرض وتزحزحت بمن عليها وانقلب كل شيء في لمح البصر وخلف عشرات الآلاف من الضحايا والآلاف من المصابين والمهجرين.

فالزلزال آية من آيات الله وبيان لعظمة قدرته عز وجل فهو القادر سبحانه على كل شيء "إِنَّمَا أَمْرُهُ إِذَا أَرَادَ شَيْئًا أَن يَقُولَ لَهُ كُن فَيَكُونُ".

وكغيره من النوازل الكونية فالزلازل جند من جنود الخالق يسخرها على من يشاء من عباده، وحيثما يشاء ووقت ما يشاء وبأي قدر يشاء، ليجعل من هذه النوازل آيات لأولي الألباب يتفكرون بها.

ولا شك أن هذا الأخير الذي ضرب الأراضي التركية والسورية وما لحق بهما، وما خلفته التوابع والتأثيرات على المجتمعات القريبة والبعيدة، من تلك القصص والروايات والمشاهد المحزنة التي تناقلتها وسائل الإعلام العالمية ولا زلنا نتتبعها حتى ساعتنا هذه.

فما بين حياة فاضت أنفاسها في تلك الدقائق الأولى وأخرى لازالت تخرج من أتون الموت بعد تلك الساعات الطويلة من تحت الأنقاض، أو في حياة وولادة جديدة خرجت وفتحت أعينها على أصوات مسعفيها ومنقذيها ومن رحم المعاناة.

وليس ما يحدث أو كما يدعي البعض، وتسابقوا على إنكار هذه الحقيقة، وأنه من غضب الطبيعة وليس بقضاء الله وقدره، كما ورد في آياته وفي سنة نبيه، وما شابه في قول البعض أنه جاء كعقاب للعاصين وابتلاء للصالحين ونازلة مسلطة على من خالف شرع الله وعبرة للناجين.

ذلك التفاعل الواسع والتضامن الكبير، والمشاركات المجتمعية في إرسال المساعدات المختلفة، ومد يد العون التي قامت بها العديد من الشعوب للتضامن مع هذه الأحداث، لدليل على عمق الترابط والتلاحم الإنساني والأخوي الذي يسود المجتمع الدولي، إضافة إلا أنها تكشف حقيقة الإنسان ومواقفه إزاء إخوانه ومن يدعي الإنسانية وهو بعيد كل البعد، ولم يسهم حتى الآن بقنطار من الخير ولا حتى بدرهم يقيه يوم الحساب فالحياة لا تدوم، والرحلة قصيرة للغاية.