جار التحميل...

°C,

الوثائق المصنفة: التحديات والحلول

September 26, 2022 / 10:08 AM
يشهد العالم اليوم، تطورًا متزايدًا في المعلومات بشكل عام، حسب مختلف أوجه إنتاجها، وبغض النظر عمّن ينتجها، سواء كانت جهات حكومية أو خاصة، وما بات يُعرف اليوم بما توفر على شبكات التواصل الاجتماعي وإدارة المحتوى.
وأمام هذا الزخم الكبير من المعلومات، وفي إطار بيئة تشريعية متنامية للنفاذ إلى المعلومات وتمكين المستفيدين من الاستفادة منها، في ذات اللحظة، من أجل قضاء أعمالهم والتزاماتهم، بات من الضروري على الجهات العامة والخاصة التفاعل بشكل يسمح لها بمواكبة هذا التطور الحاصل في عصرنا الحالي، حيث أصبحت المعلومة في بيئتها الورقية والإلكترونية، على وجه الخصوص، تُمثل تحديًا حقيقيًا أمام مقاربة مفهوم النفاذ إلى  المعلومة من ناحية وحمايتها من ناحية أخرى، وذلك لضمان عدم سوء استخدامها، وإتاحتها، وتداولها من غير المعنيين بها، ومن ليس لهم مصلحة في ذلك، خاصة في ظل الاختراقات المتزايدة من قِبل شبكات مختصة تعمل على قرصنة المواقع الإلكترونية، بشكل عام، والنفاذ إلى المعلومات المتاحة، من أجل الاستيلاء عليها وتسريبها، بل ووصل الأمر إلى ابتزاز المعنيين بها، وطلب فدية من أجل استرجاع تلك البيانات والمعلومات. 

ولعل العالم يستذكر العديد من عمليات القرصنة التي حصلت على مواقع أكبر الجهات الحكومية حساسية في العالم، حيث نذكر على سبيل الذكر لا الحصر وثائق "ويكيليكس" والعديد من محاولات القرصنة الأخرى التي حصلت، ولا تزال تحصل، وما لها من تداعيات على الأمن العام للدول.

وأمام مجمل هذه التحديات، توجهت العديد من الدول والمؤسسات المختصة إلى سن تشريعات وضوابط تتعلق بما يُعرف اليوم بالمعلومات الحساسة، أو الوثائق المصنفة بإحدى درجات السرية، وذلك على أساس ما يمكن أن تخلفه من ضرر على مستوى المؤسسة أو الدولة ككل.

ويُمثل وضع الإجراءات السليمة، وآليات الأمان المتعلقة بحساسية الوثائق المصنفة، شرطان أساسيان لضمان الإدارة السليمة للوثائق، وترتبط حساسية الوثيقة بدرجة تصنيف سريتها في الجهات الحكومية، ويُعتبر التعامل مع الوثائق الحساسة أمر بالغ الأهمية لنجاح الجهة المعنية. 

كما يرتبط أمن الوثائق بحماية المعلومات التي تحويها من التعديل والحذف، بما في ذلك ضوابط الوصول إلى المعلومات المصنفة، مع ضمان توفر المعلومات عند الحاجة إليها، وسلامتها، والحفاظ عليها دون تغييرها أو الكشف عنها بصفة مشبوهة.

وعلى هذا الأساس، تتجه الجهات المعنية المختصة بهذا الجانب نحو إعداد وثيقة تقدم الإرشاد والتوجيه لموظفيها حول الإجراءات الأمنية المتعلقة بالوثائق المصنفة التي سيتم تنفيذها، كما تمثل النصوص الترتيبية من أوامر، وقرارات، وتعاميم وسائل إلزامية لضمان سلامة الوصول إلى الوثيقة والقدرة على صونها والحفاظ عليها.

وتُمثل الضوابط المتعلقة بأمن وسلامة بالوثائق والمعلومات الحساسة مبادئ توجيهية تعمل على إطلاع الموظفين على مسؤولياتهم، ومنع كشف أو إفشاء الوثائق غير المصرح بها، أو إتلافها، أو إزالتها، أو تعديلها، بما يعني فرز وضبط الأشخاص المصرح لهم فقط للتعامل مع الوثائق والمعلومات الحساسة، كما يجب التذكير أن كل شخص يتعامل مع الوثائق المصنفة مسؤول عن التحكم في الوصول إلى أماكن حفظ هذا الصنف من الوثائق دون غيره.

 ومن ناحية أخرى، من المفيد التنويه، أن المعلومات غير المصنفة بإحدى درجات التصنيف، لا يُقصد أنها معلومات عامة يمكن مشاركتها مع الجميع، إذ أن فهم وتطبيق التصنيفات الأمنية محل لبس لدى متداولي الوثائق والمعلومات بالجهات الحكومية، إذ أن نشرها أو تداولها خاضع لموافقة الجهة المعنية، ويمكن لهذه الأخيرة الموافقة أو التصريح بنشرها للعموم كلما كان ذلك ضروريًا، باعتبار أنها وثائق ومعلومات رسمية لا يجب السماح بتداولها أو إتاحتها إلا لفائدة الموظفين الذين يحتاجون إليها من أجل أداء مهامهم وإنجاز واجباتهم الرسمية.

وعليه، تتسارع الخطى اليوم، وفي كل لحظة، من أجل كسب الرهان بين محاولات استغلال الثغرات الموجودة على مستوى الأنظمة الإلكترونية بشكل خاص، ووسائل الحماية اليومية، من أجل حماية المعلومات الحساسة والوثائق المصنفة ضد كل تدخل غير مشروع، أو استعمال وسائل مشبوهة من شأنها أن تقوّض عمل المعنيين في بناء مجتمع معلوماتي يسمح بحماية المعطيات، ويضمن سلامتها في ظل تطور تكنولوجي يعالج البيانات الضخمة.
September 26, 2022 / 10:08 AM

مواضيع ذات صلة

Rotate For an optimal experience, please
rotate your device to portrait mode.