جار التحميل...

°C,

فضل العشر من ذي الحجة

نشهد في أيام دهرنا أوقاتاً زاكية، وأياماً زاخرة، وكما ينهال الفضل في رمضان في لياليه العشر الأواخر، فإنه يَنْثال الطَّوْل في العشر الأوائل من ذي الحجة، فتلك الليالي من رمضان هي خير ليالي العام، وهذه الأيام من ذي الحجة هي أفضل أيام الدهر، لذا أقسم الله بها في كتابه، قال تعالى:" والْفَجْرِ ۝ وَلَيَالٍ عَشْرٍ ۝"الفجر1-2"، وقرّر هذا المعنى نبينا محمد صلى الله عليه وسلم بقوله: "أفضلُ أيام الدنيا العشْرُ".
ففي هذه الأيام يتضاعف فيها الثواب، وتزكو فيها الأعمال، وتربو الحسنات، قال رسول الله: "ما من أيام العملُ الصالح فيهن أحبُّ إلى الله من هذه الأيام العشر" فقالوا: يا رسول الله: ولا الجهاد في سبيل الله؟!، فقال رسول الله: ولا الجهاد في سبيل الله، إلا رجل خرج بنفسه وماله فلم يَرْجع من ذلك بشيء". لذا يُستحب اغتنام هذه الأيام بالأعمال الصالحة، وذكر الله تعالى، وفي ذلك يقول عليه الصلاة والسلام "ما من أيام أعظمُ عند الله ولا أحبُّ إليه من العمل فيهنّ من هذه الأيام العشر، فأكثروا فيهن من التهليل والتكبير والتحميد".

 وأعظم أيام العشر هذه، يومُ عرفة ويوم النحر الذي يليه، والفضل فيها جميعاً لا يخص الحجيج، بل يشمل كل مؤمن يحسن استثمار هذه الأيام بأعمال البر، وأنواع الذكر وصنوف الدعاء والاستغفار، وقد سَنّ النبي لغير الحاج صيام يوم عرفة، إذ صيامه يكفّر ذنوب سنتين، قال صلى الله عليه وسلم: "صيام يوم عَرَفة أَحتسِبُ على الله أن يكفّر السنة التي قبله والسنة التي بعده". 

ورغّب نبينا محمد صلى الله عليه وسلم بالدعاء في هذا اليوم المشهود من الحاج وغير الحاج، قال عليه الصلاة والسلام: "أفضل الدعاء دعاءُ يوم عرفة". إنه يوم عظيم، ومشهد جليل، ومَجمع كبير، ومحفِل مهيب، فيه أتم الله علينا النعمة وأكمل لنا الدين، وأي فضل أعظم من هذا، قال سبحانه وتعالى:"... اليوم أكملت لكم دينكم وأتممت عليكم نعمتي ورضيت لكم الإسلام ديناً" ونزلت في يوم عرفة، وفي يوم جمعة.

وأما الحجيج فينالون في هذا اليوم من الخير والإحسان والإنعام ما لا يدركه غيرهم، وما الله به عليم، وفيه يتجلى الله تعالى لحجاج بيته، وزوار حرمه، فيجيب دعاءهم، ويعطيهم سؤلهم، ويغفر زلاتهم، ويُقيل عثراتهم، ويعتق رقابهم من النار، ويباهي بهم ملائكته، قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: "ما من يومٍ أفضلُ عند الله من يوم عرفة، ينزل الله إلى السماء الدنيا، فيباهي بأهل الأرض أهل السماء، فيقول: انظروا إلى عبادي شُعثاً غُبْراً ضاحِين جاءوا من كل فَجّ عميق، يرجون رحمتي ولم يروا عذابي، فلم يُر يوم أكثرُ عتقاً من النار من يوم عرفة".

 لذا لا يكون الشيطان في موطن هو أخزى ولا أذل مما يكون في يوم عرفة، قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: "مَا رُئِيَ الشَّيْطَانُ يَوْمًا هُوَ فِيهِ أَصْغَرُ وَلَا أَدْحَرُ وَلَا أَحْقَرُ وَلَا أَغْيَظُ مِنْهُ فِي يَوْمِ عَرَفَةَ وَمَا ذَاكَ إِلَّا لِمَا رَأَى مِنْ تَنَزُّلِ الرَّحْمَةِ وَتَجَاوُزِ اللَّهِ عَنْ الذُّنُوبِ الْعِظَامِ...".

 وأما يوم النحر فهو اليوم العاشر، وهو يوم عيد الأضحى، وفيه شعيرة من شعائر الإسلام، وهي الأضحية، تقرباً إلى الله تعالى بدمائها، فيأكل منها المضحي ويُهدي ويتصدق، وتبدأ بعد صلاة العيد، وهي سنة أبينا إبراهيم عليه السلام، وفيها أجر عظيم وثواب جليل لمن أراد بها وجه الله تعالى، قال صلى الله عليه وسلم: "ما عملَ آدميٌّ من عملٍ يومَ النحرِ أحبُّ إلى اللهِ من إهراقِ دمٍ، وإنهُ ليأتي يومَ القيامةِ في قرنِه بقرونِها وأشعارِها وأظلافِها، وإنَّ الدمَ ليقعُ من اللهِ بمكانٍ قبلَ أن يقعَ في الأرضِ فطِيبُوا بها نفسًا".


June 30, 2022 / 9:37 AM

مواضيع ذات صلة

أخبار ذات صلة

Rotate For an optimal experience, please
rotate your device to portrait mode.